وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
بِقَلَمِ: فَرِيدٍ هِلَالٍ ,,
فِي زَمَنٍ يَتَسَارَعُ فِيهِ
الصِّرَاعُ بَيْنَ القُلُوبِ وَالأَيَادِي،
يَظَلُّ المُتَغَطْرِسُ الَّذِي
يَظُنُّ نَفْسَهُ قَوِيًّا،
هُوَ أَكْبَرُ أَعْدَاءِ السَّلَامِ
وَالكَرَامَةِ.
كَثِيرًا مَا نَرَى مَنْ يَرْفَعُونَ
أَصْوَاتَهُمْ،
وَيَصْرُخُونَ بِالأَقْوَى،
مُعْتَقِدِينَ أَنَّ القُوَّةَ فِي
قَهْرِ الآخَرِينَ وَإِخْضَاعِهِمْ،
فِي رَفْعِ السِّلَاحِ،
أَوْ فِي إِطْفَاءِ أَنْفَاسِ مَنْ
حَوْلَهُمْ.
لَكِنَّ القُوَّةَ الحَقِيقِيَّةَ
لَيْسَتْ فِي اليَدِ الَّتِي تَقْتُلُ،
وَلَا فِي الصَّوْتِ الَّذِي يَعْلُو
فَوْقَ الجَمِيعِ،
وَلَا فِي عُيُونٍ تُخِيفُ
الضُّعَفَاءَ.
القُوَّةُ الحَقِيقِيَّةُ:
أَنْ تَمْتَنِعَ عَنْ إِيقَاعِ
الأَذَى،
أَنْ تَحْكُمَ عَلَى نَفْسِكَ قَبْلَ
أَنْ تَحْكُمَ عَلَى الآخَرِينَ،
أَنْ تُثْبِتَ مَكَانَتَكَ بِالعَقْلِ،
لَا بِالسِّلَاحِ.
مَنْ يَقْتُلْ لِيُثْبِتَ قُوَّتَهُ،
فَهُوَ أَضْعَفُ النَّاسِ…
يَخَافُ مِنْ فِكْرَةِ السَّلَامِ،
وَيَرْتَجِفُ عِندَ الضَّعْفِ
الحَقِيقِيِّ: الرَّحْمَةِ.
تَذَكَّرْ، يَا مَنْ تَعْتَقِدُ أَنَّ
الأَرْضَ مِلْكُكَ،
أَنَّ الدَّمَ الَّذِي تُرِيقُهُ
اليَوْمَ،
قَدْ يَكُونُ نَهْرًا يَفِيضُ غَدًا،
لِيَثْأَرَ مِنْكَ.
القُوَّةُ لَيْسَتْ أَنْ تُخِيفَ،
بَلْ أَنْ تُحْتَرَمَ،
وَأَنْتَ لَا تَعْرِفُ المَعْنَى
الحَقِيقِيَّ لِلْقُوَّةِ.
لَا تَغُرَّنَّكَ نَفْسُكَ… أَأَنْتَ قَوِيٌّ؟
القَوِيُّ الحَقِيقِيُّ: مَنْ لَا
يَقْتُلُ.
فِي نِهَايَةِ المَطَافِ،
لَنْ يَبْقَى التَّارِيخُ لِأَقْوَى
الجُيُوشِ،
أَوْ أَشْرَسِ المُقَاتِلِينَ،
بَلْ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ حَمَلُوا
فِي قُلُوبِهِمْ،
القُدْرَةَ عَلَى الحُلْمِ بِالسَّلَامِ،
وَصُنْعِهِ،
بِالرَّغْمِ مِنْ كُلِّ الخَيْبَاتِ.
فَلْنَسْتَيْقِظْ مِنْ وَهْمِ
القُوَّةِ الزَّائِفَةِ،
وَلْنُقِرَّ بِأَنَّ الرَّحْمَةَ هِيَ
أَصْلُ القُوَّةِ،
وَبِهَذَا وَحْدَهُ، يُبْنَى
مُسْتَقْبَلٌ بِلَا دِمَاءٍ، وَلَا خَوْفٍ.
وَإِنْ كُنْتَ تَعْتَقِدُ أَنَّكَ
القَوِيُّ،
فَاذْكُرْ أَنَّ اللهَ هُوَ
الرَّحْمَنُ، الرَّحِيمُ،
وَهُوَ وَحْدَهُ القَادِرُ القَدِيرُ،
الَّذِي لَا يَغْفَلُ، وَلَا يَنَامُ،
فَاحْذَرْ أَنْ تَغْتَرَّ بِقُوَّتِكَ
الَّتِي هِيَ زَائِلَةٌ،
أَمَامَ قُوَّةِ مَنْ لَا تُقْهَرُ. |