وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
بقلم: فريد هلال ,,
سُؤالٌ يَبدو مَقْلوبًا، لَكنَّهُ في
الحَقيقَةِ هو وَجهُ الحَقيقَةِ حينَ تُقلَبُ المَوازينُ بعَينِ القَلبِ لا بعَينِ
المَنطِقِ.
يُحبُّنا الوَطَنُ،
لأنَّنا تُرابُهُ الَّذي تَنفَّسَ،
وَدَمُهُ الَّذي جَرى في النَّخيلِ، وَصَوتُهُ حينَ يُغنِّي الفَجرَ مِن
حَناجِرِنا.
يُحبُّنا الوَطَنُ،
لأنَّنا أَبناؤُهُ الَّذينَ مَشَوا
حُفاةً على جِراحِهِ وَلَم يَشكُوا،
نَحنُ الَّذينَ خَيَّطْنا جِراحَهُ
بالخُيوطِ ذاتِها الَّتي خَيَّطَتْ قُلوبَنا.
يُحبُّنا الوَطَنُ،
لأنَّنا لَم نَطلُبْ مِنهُ شَيئًا، بَل
كُنَّا نَحنُ مَن يُعطي.
أَعطَيناهُ أَعمارَنا في زَوايا
المَدارِسِ، وَأَحلامَنا على الأَرْصِفَةِ،
وَسَلامَنا في ساحاتِ الحَربِ،
وَقَصائِدَنا في لَيالِي الحَنينِ.
يُحبُّنا الوَطَنُ،
لأنَّنا حينَ تَسقُطُ جُدرانُهُ،
نَبنيهِ بأَكتافِنا،
وَحينَ يَجِفُّ نَهرُهُ، نَرويهِ مِن
دُموعِنا.
الوَطَنُ لا يُحبُّنا لأنَّنا
عُظَماءُ،
بَل لأنَّهُ يَرى في ضَعفِنا صِدقَ
الانتماءِ،
وَفي جِراحِنا دَليلًا على أنَّنا
مِنهُ، لا عَلَيهِ.
يُحبُّنا الوَطَنُ،
لأنَّهُ يَعرِفُ أَنَّ ما نَحمِلُهُ
لَهُ،
أَصدَقُ مِن أَن يُكتَبَ،
وَأَعمَقُ مِن أَن يُفهَمَ،
وَأَطهَرُ مِن أَن يُقايَضَ.
نَحنُ الَّذينَ نَعودُ إِلَيهِ رَغمَ
كُلِّ شَيءٍ،
فَنَقضي أَعمارَنا نُصلِحُ ما
أَفسَدَهُ البَعيدُ،
وَنَزرَعُ ما لَن نَقطِفَهُ، وَنَبكي
ما لَن نَنساهُ.
نَعَمْ...
يُحبُّنا الوَطَنُ،
لأنَّنا آخِرُ مَن ظَلَّ مَعَهُ...
وَلَم نُغادِرْ.
وَفِي الِاخْتِتامِ، صَيْحَةٌ واحِدَةٌ
نَرفَعُها لِمَن يُحِبُّهُ الجَميعُ، لِمَن بِهِ يُشفَى الوَطَنُ وَيَبتَسِمُ
إِن كُنتَ تُحِبُّنِي... فَعِشقُكَ
الصَّادِقُ لا يَكتَمِلُ،
إِلَّا إِذَا أَحبَبتَ كُلَّ مَن فِي
هَذِهِ الأَرضِ،
فَالَّذِي يُحِبُّنِي، لا بُدَّ أَن
يَعشَقَ وَطَنِي كُلَّهُ. |