ووفقا لصحيفة "موندو ديبورتيفو" الإسبانية، فقد وضع باريس سان جيرمان أنظاره على هيرنانديز البالغ من العمر 18 عاما لاعب وسط برشلونة أتلتيك (الرديف)، الذي يمتد عقده حتى يونيو/حزيران 2026.

وأشارت الصحيفة إلى أن النادي الكتالوني بدأ بالفعل اتصالات أولية مع اللاعب ووكيله لبحث تمديد العقد، بعدما تصاعد اهتمام سان جيرمان بخدماته خلال الأشهر الأخيرة.

انضم هيرنانديز، المنحدر من مدينة تيرويل، إلى أكاديمية برشلونة "لاماسيا" في عام 2022 قادما من ريال سرقسطة، وتمكن خلال الموسم الماضي من تثبيت مكانته في الفريق الرديف تحت قيادة المدرب جوليانو بيلّيتي، حيث قدم أداءً مميزا جعله محط أنظار أندية أوروبية عدة، وعلى رأسها باريس سان جيرمان.

ويُعد اللاعب من العناصر المرنة تكتيكيا، إذ يجيد اللعب في مركز الارتكاز وكذلك على الأطراف، ما يمنحه قيمة إضافية في نظر الكشافين الدوليين.

هذا الموسم، شارك هيرنانديز أساسيا في جميع مباريات الفريق الرديف، مسجلا هدفا وصنع آخر، بينما غاب فقط عن المباراة الافتتاحية بسبب استدعائه إلى منتخب إسبانيا تحت 19 عاما، الذي أصبح عنصرا دائما فيه بعد تمثيله لجميع الفئات العمرية منذ منتخب تحت 15 عاما.

ويتابع باريس سان جيرمان ومدربه لويس إنريكي تطور اللاعب عن قرب، إذ يرون فيه نموذجا مثاليا لاستراتيجية النادي في ضم المواهب الأوروبية الشابة إلى جانب النجوم الكبار.

وتبلغ قيمة الشرط الجزائي في عقد اللاعب 6 ملايين يورو فقط، ما يجعله صفقة مغرية، خصوصا أن عقده يقترب من نهايته وقد يصبح متاحا للتوقيع مجانا إذا لم يتم الاتفاق على التجديد قريبا.

ويُعد هيرنانديز خيارا مثاليا لفريق يبحث عن المواهب الواعدة، بينما يواجه برشلونة تحديا جديدا للحفاظ على أحد أبرز خريجي أكاديميته في السنوات الأخيرة، وسط اهتمام متزايد من أندية القارة العجوز بالكنوز الشابة في لاماسيا.

صفقات عديدة

منذ صعود باريس سان جيرمان إلى مصاف النخبة الأوروبية خلال العقد الماضي، لم يكن هدفه مجرد السيطرة على البطولات المحلية في فرنسا، بل التوسع نحو ساحة المنافسة القارية، وهو ما دفعه للتوجه نحو التعاقد مع لاعبين من نادي برشلونة، أحد أبرز معاقل كرة القدم في العالم. العلاقة بين الناديين اتسمت أحيانا بالندية وأحيانا بالتوتر، لكنها خلفت مسارا طويلا من الانتقالات المثيرة التي غيّرت ملامح الفريقين.

أول الأسماء البارزة التي ارتدت قميص باريس سان جيرمان بعد مشوار في برشلونة كان البرازيلي "داني ألفيس". فبعد أن صنع التاريخ مع برشلونة بين عامي 2008 و2016، حيث تُوّج بجميع الألقاب الممكنة، قرر في صيف 2017 خوض تجربة جديدة في فرنسا بعد تجربة عابرة بقميص يوفنتوس.

انضم ألفيس مجاناً إلى باريس سان جيرمان، ليصبح عنصراً أساسياً في مشروع النادي الطموح، مقدماً خبرته الهائلة داخل وخارج الملعب. خلال موسمين، أحرز مع الفريق عدة ألقاب محلية وأسهم في تعزيز طموحات باريس الأوروبية.

لكن الصفقة التي غيرت قواعد اللعبة في سوق الانتقالات كانت بلا شك انتقال "نيمار جونيور" من برشلونة إلى باريس سان جيرمان في صيف 2017 مقابل مبلغ قياسي بلغ 222 مليون يورو، وهو الأعلى في تاريخ كرة القدم حتى اليوم. الصفقة لم تكن مجرد انتقال رياضي، بل حدث عالمي هز أركان الكرة الأوروبية، وأعادت رسم علاقة الناديين. نيمار، الذي كان أحد أضلاع الثلاثي التاريخي "ميسي – سواريز – نيمار"، أصبح رمزاً لطموح باريس في بناء مشروع قادر على منافسة الكبار، وجلب إليه الأضواء العالمية.

في صيف 2021، فجّر النادي الفرنسي مفاجأة أخرى مدوية بضم ليونيل ميسي بعد انتهاء عقده مع برشلونة، في لحظة وُصفت بأنها نهاية حقبة وبداية أخرى. رحيل ميسي، أسطورة برشلونة التاريخية، إلى باريس شكل صدمة لجماهير «البلوجرانا»، بينما استقبله النادي الباريسي كأيقونة جديدة تضيف بريقاً لمشروعه الرياضي والتجاري. خلال موسمين، لعب ميسي إلى جانب نيمار ومبابي، مشكلاً مثلثاً هجومياً رهيباً، قبل أن يغادر إلى إنتر ميامي الأمريكي عام 2023.

ولا يمكن إغفال انتقالات أخرى أقل ضجيجاً لكنها تحمل بصمة برشلونة، مثل الإسباني "تشافي سيمونز"، الموهبة الهولندية ذات الأصول الإسبانية، الذي تدرّج في أكاديمية لاماسيا منذ طفولته قبل أن يرحل إلى باريس سان جيرمان بحثاً عن فرصة لعب أكبر.

تلك السلسلة من الانتقالات توضح أن باريس سان جيرمان يرى في برشلونة منجماً للمواهب والخبرة الكروية. ورغم المنافسة بين الناديين في دوري الأبطال، فإن مسار اللاعبين من الكامب نو إلى حديقة الأمراء لا يزال مفتوحاً، ويعكس التقاء طموحين: الأول يسعى إلى الهيمنة الأوروبية، والثاني يحاول الحفاظ على إرث مدرسته الكروية في وجه الإغراءات المالية.