وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
زيدان الربيعي ,,
لم يكن الموقف المشرف والنادر الذي
وقفه الدكتور محمد البدري المحترم مع أخيه وصديقه المرحوم الفنان الخلوق قاسم
إسماعيل، هو الموقف الوحيد في هذا الشأن، بل سبقته مواقف متشابهة يعرفها البعض
وغابت عن البعض الآخر. وللتذكير فقط وليس التفصيل، أشير إلى موقف البدري الرائع مع
الممثل الكبير الأستاذ محمد عطا سعيد عندما توفيت ابنته في بغداد قبل سنوات، وكان
سعيد في لندن، حيث قام البدري بكل الإجراءات اللازمة، كما أقام مجلس عزاء خاص
بالفقيدة إكراماً وتقديراً لصديقه، وله الكثير من المواقف إذا ذكرتها بالتفصيل
فأنني احتاج إلى كتاب خاص.
لقد أستطاع البدري أحياء كلمة
"الوفاء" التي كادت أن تشطب من قاموس الناس عبر مواقفه المتعددة مع
المرحوم قاسم إسماعيل، والحال ذاته على كلمة "الإيثار"، فمنذ اليوم
الأول لكشف المرض الخبيث في جسد الراحل أبا عمر، تعهد البدري بأن يكون سنداً
وعضيداً لصديقه وأن يبذل كل شيء من أجل محاربة هذا المرض الخبيث، حتى أن قاسم
إسماعيل نفسه أكد بأن البدري أبدى استعداده لصرف 100 مليون دينار عراقي من أجل
معالجته، وبالفعل كان البدري عند كلمته، حيث بقي قريباً جداً من صديقه وحاول بكل
ما يمتلك أن يسعفه عبر العلاج، وكذلك من خلال الدعم النفسي المتواصل جراء زياراته
المتواصلة له، فضلاً عن مرافقته في عيادات الأطباء وفي المستشفيات، حتى أن المرحوم
قاسم إسماعيل فقد الوعي تماماً بتواجد البدري، ولفظ أنفاسه الأخيرة والبدري بقربه،
وشيّع والبدري يقف في مقدمة المشيّعين، وحمل نعشه على كتفه، ولم يتركه إلا بعد أن
وضعه في قبره، ولم يكتف بذلك، بل وقف في مجلس العزاء وكان يتلقى التعازي بهذا
المصاب الكبير، فأي وفاء هذا، وأي إيثار؟
حقيقةً تعجز الكلمات عن وصف مواقف
البدري الرائعة والأصيلة.. ولا امتلك هنا إلا الدعوات له بالخير والسلامة والرزق
الوفير وطول العمر والصحة والعافية، وأن يعوضه الباري سبحانه وتعالى خيراً عن كل
أعماله الخيرية.
وهنا عبر هذا السطور أتوقف قليلاً عند
المرحوم قاسم إسماعيل، فقد عرفته خلوقاً، بشوشاً، مبتسماً، صاحب نكتة، جميل
المعشر، نقي التعامل، وكان لي أكثر من لقاء صحفي معه، كذلك وثقته بعدستي مع المطرب
الراحل فؤاد سالم، لتكون تلك الصورة هي الوحيدة التي تجمعهما، وقد شكرني كثيراً
عليها بعد أن تفاجأ بها.. رحمه الله وغفر له، وكان آخر لقاء جمعني معه في عزاء
المرحومة زوجته "أم عمر" قبل أشهر عدة.. 

|