وكالة الأنباء العراقية المستقلة متابعة ,, كشفت دراسة حديثة أن ذرات من غلافنا الجوي لا تكتفي بالبقاء حول الأرض، بل تقوم برحلات فضائية طويلة لتستقر أخيرا على سطح القمر. وهذا الاكتشاف لا يحل لغزا علميا طويلا فحسب، بل ويعد بفتح نافذة فريدة على تاريخ مناخ الأرض وحتى بإمكانية دعم الحياة البشرية المستقبلية على القمر. ولطالما حيرت العلماء كميات غير مبررة من عناصر مثل النيتروجين والماء في عينات التربة القمرية التي جلبها رواد "أبولو". وبينما كان معلوما أن بعضها يأتي مع الرياح الشمسية، بقي تفسير الوفرة الكاملة، وخاصة للنيتروجين، غامضا. وطرح علماء يابانيون قبل عقدين فكرة أن مصدرا إضافيا قد يكون الأرض نفسها، حيث تنتزع الجسيمات الشمسية النشيطة ذرات من طبقات الغلاف الجوي العليا وتقذفها نحو الفضاء، لكن الاعتقاد السائد كان أن هذه الظاهرة توقفت بمجرد اكتمال تشكل المجال المغناطيسي القوي للأرض، الذي يفترض أنه يحمي الكوكب كدرع منيع. وجاءت المفاجأة من فريق بحثي في جامعة روتشستر، حيث أظهرت نماذج محاكاة حاسوبية متقدمة أن الواقع قد يكون عكس ذلك تماما، وبدلا من أن يكون حاجزا، يتحول المجال المغناطيسي للأرض في ظروف معينة إلى "طريق سريع" كوني. وبعض خطوط هذا المجال المغناطيسي تمتد لمسافات هائلة لتصل إلى القمر، حاملة الجسيمات المشحونة من غلافنا الجوي في رحلتها الطويلة، والأكثر إثارة هو أن هذه العملية تكون أكثر فعالية في ظل الظروف الحالية للأرض بشمسها الهادئة نسبيا ومجالها المغناطيسي القوي، مقارنة بالأرض الفتية في الماضي السحيق. وهذا التدفق المستمر الذي يدعمه دليل جيولوجي على قوة المجال المغناطيسي للأرض منذ 3.7 مليار سنة على الأقل، يعني أن القمر قد يكون بمثابة أرشيف سماوي ضخم، فهو يسجل بتفاصيل دقيقة قصة تطور غلافنا الجوي ومجالنا المغناطيسي عبر العصور الجيولوجية، ما قد يكشف عن تحولات مناخية كبرى، وتغيرات في البيئة، وحتى مراحل من تطور الحياة على كوكبنا. وتتجاوز أهمية هذا الاكتشاف نظامنا الأرضي-القمري، إذ تقدم أدوات لفهم مصير كواكب أخرى، فهي تساعد على تفسير كيف فقد المريخ، الذي كان يملك يوما غلافا جويا سميكا ومجالا مغناطيسيا، معظم هوائه ليبقى عالما باردا مقفرا. كما تشرح ظواهر مشابهة في أطراف النظام الشمسي، مثل التسرب الجوي بين بلوتو وقمره تشارون. وبالنظر إلى المستقبل، يحمل هذا الاكتشاف بشرى للمشاريع الطموحة لاستيطان القمر، فالتدفق الممتد لمليارات السنين للمواد المتطايرة من الأرض، إلى جانب ما حمله القمر من نيازك ومذنبات، يعني أن مخزونا خفيا من موارد ثمينة كالماء والعناصر الأخرى قد يكون متراكما تحت سطح القمر بكميات أكبر مما كنا نعتقد. المصدر: وكالات |