وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
فيصل سليم/
يعرف الشهر بانه شهر الصيام العبادة التي اختص
الخالق سبحانه وتعالى بجزاء الصائمين عليها ففي الحديث القدسي ((كل عمل ابن ادم له
الا الصيام فانه لي وانا أجزى به)) (رواه البخاري ومسلم) اذ الصوم صنو الصبر (وانما
يوفي الصابرون اجرهم بغير حساب) (الزمر 10) وصوم الصائم تجعل لمعاني الإخلاص في
عبادة لا مظهر فيها الا الإمساك اختيارا عن كل الشهوات امتثالا وتقربا وبذلك كان
شهر رمضان دورة تزكية روحية سنوية شاملة.
ومن
اللافت ان القران الكريم جعل لهذا الشهر عنوانا كبيرا وللصوم مقصدا أخلاقيا اما
العنوان فهو انه شهر القران (شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من
الهدى والفرقان) (البقرة 185) ففي هذا الشهر تنزل القران ختاما لحلقات سلسلة الوحي
فكان لحظة فارقة في تاريخ العالم ذلك ان رسالته هي الرحمة الشاملة للإنسانية بل للموجودات
كلها: (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين) (الأنبياء 107) و(العالمين) هم كل ما سوى
الخالق سبحانه فكان هذا الشهر هو علامة
الرحمة الإلهية بالكون ومن فيه واذا كان رمضان هو الشهر الذي حاز الشرف لنزول
القران الكريم فان أيامه ولياليه مساحة لتنزل فيمه ومعانيه في حياة الانسان
الفردية وروابطه الاجتماعية او هكذا يجب ان تكون رمضان مناسبة سنوية للتزود من
هدايات الوحي والنهل من حياض معانيه والتدبير في آياته حتى يرى اثر ذلك في رؤية
الانسان للحياة والاحياء ومنهج تفكيره في علاقته بذاته ودينه وعالمه واما مقصد
الصوم فقد عبر القران الكريم عنه بالتقوى (يا أيها الذين امنوا كتب عليكم الصوم
كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) (البقرة 183) أي ان مجاهدة النفس على
مكاره الكف عن الشهوات المباحة في غير الصيام هو ارتقاء بها في مدارج التقوى
لتتجلى اثاره في سلوك الانسان مع الناس اجمعين: اخلاقا سامية ورسالة إنسانية
لعمران الأرض بناء الأجيال والارتقاء بالأوطان من هنا يبدو رمضان مدرسة منهاجها
قيم القران ومعانيه ومقرراتها عبادات
الصيام والقيام والاطعام اما مخرجاتها
المرجوة فارتقاء بالخلق الإنسانية والسلوك الاجتماعي وبنموذج الامة المسلمة للعالم
احدى هاتين الرؤيتين تمركزت حول الشعائر الدينية الظاهرة وخاصة الجماعية منها
كصلوات الجمع والجماعات في المساجد والتراويح وأداء العمرة في رمضان معتبرة الا
مقصد من مقاصد الدين ولا فريضة من فرائضه أولى بالتمسك والعناية بها من هذه
الشعائر اما الرؤية الثانية فقد استصبحت مقاصد الدين وقيمه الكلية وفي مقدمتها حفظ
النفس الإنسانية والاعتناء بمقومات وجودها ورعاية مصالحها الحالية والمستقبلية
(العاجلة والآجلة بلغة الفقهاء) أي الحفاظ على الانسان وسلامة كيانه الاجتماعي
وعمرانه الحضاري ومستقبل اجياله امتثالا لرسالة الوحي الامر بالعبادة نفسه
واستجابة لحطاب القران الكريم ذاته خاصة وانه ما من شعيرة من الشعائر العبادية
التي اقتضت سلامة الناس الإمساك عنها مؤقتا الا وشروع الدين بدائل لا تقصر بصاحبها
في الفضل والمثوبة كم هو حري به ان يكون تعبير صدق عما يرمز له هذا الشهر المبارك
من الرحمة الإلهية بالكون ومن فيه جميعا وما اوجهم لتلك الرحمة |