وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
فيصل سليم ,,
كان الفلاح يزرع ارضه بطريقة بدائية ولديه ايمان قوي بربه ويمتلك فطرة
سليمه بان هذا الزرع هو ملك الخالق وان الامطار وكل العوامل الطبيعية هي اقدار
مكتوبة وارزاق يعيشها الانسان في حياته
هناك اختلاف كبير بين زراعة الامس وزراعة اليوم لان الفلاح بالأمس كان يحرث
الأرض بوسائل بدائية وحتى بعد ان تطورت المكننة الزراعية كان الفلاح يبذل جهدا من
التعب عندما يبدأ بزراعة ارضه وكان المثل المعروف والشائع بين جميع الفلاحين
((للطير وما قسم الله)).
لم يكن يفكر ابدا بالأرباح ولم يفكر في يوم من الأيام انه سوف يحصد لأنه
يملك الايمان المطلق بان رزقه محدود وليس عليه سوى السعي والعمل وكل مطلبه ومكسبه
هو ما يسد حاجات عائلته من الحبوب سواء كان من محصول الحنطة الذي يقومون بتنظيف
قسم منها لتكون خالية من الشوائب والذهاب بها على شكل دفعات الى أقرب ماكنه طحين
حتى يؤمن لعائلته مادة الخبز او ما يصنعون منها من المشتقات الغذائية الأرض مثل
البرغل والجريش والحبية والرشدة والتي يقومون بعملها يدويا وفق طرق صناعية بسرعة...
وكانت مكائن الطحين هذه لا تتوفر في كل قرية فيقومون بتعبئة الحبوب في أكياس
اغلبها منسوج يدويا يسمى ((الخيشة)) ويحملونها على ظهور الحيوانات ويذهبون بها الى اقرب ماكنه الطحين كانت
الزراعة في ذلك الوقت بدون اسمدة كيماوية او أي مضاد حيوي اخر... واضافة الى محصور
الحنطة فان الفلاح يخزن أيضا كمية من حبوب الشعير يستخدمها اعلاف للماشية وخاصة في
فصل الشتاء عندما تكون تكون مناطق الرعي أصبحت خالية من أي نبات بري... وكان لون
حبوب الشعير اسود وجمعية من نوع واحد ولكن الحنطة فيها أنواع عديدة واجودها في ذلك
الزمان ((حنطة صاير بيك او مكسي بيك عن طريق مساعدات الدولة تسمى((اينيا))...
كانت الشوائب التي ترافق محصول الحنطة والشائعة هي بذور ال نباتات البري الذي
يسمى ((الكعوب)) وحبوبه تسمى ((السيسي)) والذي وانقرض بصورة شبه نهاية في عالم
اليوم...
اما الفلاح في يومنا هذا او ما يسمى بالمزارع فقد أصبح شغله الشاغل قيمة
الأرباح التي يجنيها من هذه الزراعة إضافة الى قيامه بطلب الحصول على قروض زراعية
ربوية وهذا بحد ذاته ما يذهب البركة من محصوله واختفت أيضا وسائل الحراثة الحديثة
((فالخرماشة)) لم يعد لها حاجة والطاشوش أصبح هناك بديل عنه الة البذرة والوزن
للمحصول أصبح بالكيلو غرام والطن بعد ان ان كان ((بالوزنة والتقار)) وأصبح النساء
في البيوت لا يعنيهن نوع الحنطة يخبز من طحين الوجبة الغذائية التي توزعها لهم
الدولة واختفت حبوب الشعير مع اختفاء المواشي من الأغنام
والماعز والابقار..
وتغير الفلاح من ((كادود)) لزرعة الى تاجر حبوب..
ان الواقع الزراعي في العراق اليوم يرثي لحالة فالزراعة اليوم بحاجة ماسة
للاهتمام بها والقروض الزراعية يجب ان تكون بدون فؤائد وتعطي للمستحقين فقط وبدون
شروط تعجيزية...
وسبحان مغير الأحوال فنبتة الكعوب التي كانت تضر المحاصيل الزراعية أصبحت
حبوبها من السسي أغلى شيء موجود في عالم بيع الجرزات ويباع الطن الواحد منه بملاين
الدنانير...
وهكذا هي حال الدنيا فالفلاح أصبح مزارع وتاجر السسي أصبح مفردة من مفردات
عالم المكسرات الغذائية الضرورية...
|