وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
بقلم: فريد هلال ..
في حياتنا، نحن نرحب بالبدايات بحرارة،
نحتفل بها، ونعد لها الأمنيات والخطط. نحب البدايات لأنها تحمل الوعد، وتحمل في
طياتها الأمل والتجدد. أما النهايات، فهي ما نتجنبه، نرفض التفكير فيها، نؤجل
مواجهتها، وكأن تجاهلها كفيل بجعلها تختفي. لكن الحقيقة الثابتة التي لا مفر منها
هي أن لكل شيء نهاية. وحين نبدأ بتعلم استيعاب النهايات، نبدأ بفهم أعمق للحياة.
النهاية ليست دائمًا خسارة. أحيانًا،
تكون بداية جديدة، ولكن من منظور مختلف. انتهاء علاقة، وظيفة، مرحلة دراسية، أو
حتى عمر، قد يكون مدخلًا لتغير داخلي، أو دعوة للتأمل، أو دافعًا للبحث عن معنى
أعمق في الوجود. الفرق بين من ينهار أمام النهاية، ومن ينهض منها أقوى، هو
الاستيعاب.
استيعاب النهاية لا يعني القبول
السلبي، بل هو وعي حقيقي بالتحول. هو أن تعترف بأن الصفحة طويت، لكن الكتاب لم يُغلق.
أن تدرك أن ما مضى لن يعود، لكن أثره سيبقى فيك، يشكّلك، ويعلمك، ويقودك. في
النهايات دروس لا تمنحها البدايات، وفي غروب الأشياء وضوح لا يمنحه الشروق.
الاستيعاب لا يحدث دفعة واحدة. هو
عملية. ربما يمر عبر الحزن، أو الغضب، أو الإنكار. لكنه في النهاية، وصول إلى نقطة
صفاء، ترى فيها ما حدث كما هو، دون تجميل أو تضخيم. تتوقف عن طرح أسئلة مثل:
"لماذا انتهى؟" وتبدأ في طرح: "ماذا تعلمت؟"
في زمن سريع، لا يعطينا فرصة لنقول
وداعًا كما ينبغي، يصبح استيعاب النهايات فعلًا من أفعال المقاومة. مقاومة التبلد،
والإنكار، والتعلق المرضي. يصبح فعل نضج، ونوعًا من الشجاعة الهادئة.
فلنتعلّم أن نستوعب النهايات، لا كفشل،
بل كجزء لا يتجزأ من نسيج الحياة. فلولا النهايات، لما كانت للبدايات قيمة. ولولا
الوداع، لما عرفنا طعم اللقاء. ولولا الموت، لما فهمنا معنى الحياة.
---
هل ترغب في نسخة بصيغة PDF أو Word؟ أو تود تعديله ليكون
أكثر علميًا، دينيًا، أو سرديًا؟ |