التسوية التأريخية وعمق الصراع السياسي
أضيف بواسـطة

وكالة الانباء العراقية المستقلة – فؤاد العبودي

في البلدان التي تشهد خاتمة كفاحها ضد المحتلين الغزاة فان اول ما ينصب عليه تفكير القادة السياسيين هو كيفية صياغة السلم الاهلي الذي بدونه لا يمكن ان يتم اي انجاز على صعيد الفعل الموضوعي والواقع المعاش.

لذلك حينما طرح التحالف الوطني مشروع التسوية التاريخية وبما تضمنته من بنود ومحددات كان لابد ان تكون ذات افق فكري وشعبي واسع بحيث يجمع عناصر الطيف العراقي لجميع المكونات والطوائف.. وان لا تكون وثيقة التسوية كمثيلاتها في ميثاق مكة المكرمة او مشروع المصالحة الوطنية.

كما ان مسألة ما بعد تحرير الموصل هي شأن عراقي ولا تحتمل كل هذا التطبيل مثلما كانت المصالحة الوطنية لان هذه المشاريع لا تتحقق بمنشورات خطابية ولا مناقشات على موائد السياسيين.. لان تجربة الاربعة عشر عاماً جعلتنا بعيدين عن السياسيين بحيث ان مصالح الكتل السياسية وعناصرها تنطلق من مصالحها الفئوية قبل اي شيء اخر دون ان يكون الصالح العام هو الحاضر في هذه المشاريع.

وان اي مشروع من مشاريع التسوية او المصالحة يجب ان يترك امره لذوي الشأن من الناس. فالشعب الذي عاش قرونا طويلة في ساحة التآخي والمحبة والوحدة الوطنية هو وحده الذي يقرر مصيره السلمي بعد اندحار الغزاة من الارهابيين الدواعش وعملائهم الاقليميين.

ان اية تسوية ومهما وضعت لها من عناوين براقة حينما تنطلق من مطابخ الكتل والتحالفات السياسية لن تجد لها ارضا صالحة للثمار.. وانما سيغرب بها ويشرق هؤلاء السياسيين على ان لا تأخذنا النوايا الحسنة تجاه من يعتلي مسرح السياسة من الاحزاب وغيرها من الذين يمثلون كتلهم السياسية.. بل يجب الاعتراف بواقع الحال.. باعتبار ان اكثر السياسيين ما بعد عام 2003 والذي اطلق عليه عام التغيير هم لهم ارتباطاتهم الاقليمية ومن كلا الطرفين.. اضف لهم طرف الارتباط الذكي.

واذا فرضنا جدلاً ان وثيقة التسوية التاريخية كان لابد منها اذن يجب ان تكون على منبر التصويت الشعبي وليس على منصات البرلمان من أجل الوصول الى قبول فئات الشعب وطوائفه بها.. دون ان يصار الى تحجيمها ووضع العراقيل امامها حتى لاتصل الى اجماع شعبي موحد..

وثيقة التسوية التاريخية هي وثيقة لجمع الشعب العراقي تحت خيمة الوطن الواحد وليست كما هي مطروحة وثيقة الكتل السياسية ووجهات نظرها..

وللشعب وحده القرار الموافقة او الرفض حتى وان كان هناك مجلسا للنواب.. حيث ان ما سيدلون به الاعضاء لايخرج عن نطاق تفكير قادة كتلهم السياسية..

وستطول حكاية تطبيق الوثيقة حتى بعد تحرير الموصل وستأخذ التناحرات والتجاذبات السياسية وصراع القوى مأخذ الاطالة وتضيع فرصة الشعب في تقرير مصيره في محيط السلم الاهلي.

رابط المحتـوى
عدد المشـاهدات 7705   تاريخ الإضافـة 19/12/2016 - 11:58   آخـر تحديـث 29/03/2024 - 02:52   رقم المحتـوى 43938
جميـع الحقوق محفوظـة
© www.Ina-Iraq.net 2015