وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
بقلم: فريد هلال ,,
ليس البعد ما يؤلم الروح، بل ذلك
الفراغ الذي تتركه الأوطان في صدور أبنائها حين يضطرّون للرحيل. هناك في كل قلبٍ
عراقي مدينة تنبض رغم الغربة، تناديه كلما أغمض عينيه، وتفتّش عنه كلما طال
انتظاره.
يا عراق…
نحن لا نُخلق لنمضي بعيدًا عن نخيلك،
ولا لنسكن أرضًا لا تحفظ أسماءنا. في كل شارعٍ عبرناه خارج حدودك، كنّا نبحث عن
ظلّ يشبه ظلالك، وعن رائحة تُشبه خبز الصباح في بيوتك، وعن صوتٍ يشبه نداء الأمهات
عند المساء.
الغربة ليست سفرًا ولا مطارًا…
الغربة أن تتحوّل الذاكرة إلى وطنٍ
بديل، وأن يصبح العلم أمانةً نحملها في قلوبنا قبل أيدينا، نخاف عليه من غبار
النسيان ونحمي ألوانه من عيون المتربصين.
يا عراق…
نحن لا ننسى، ولا نتخلى، ولا نستبدل
وجهك بوجهٍ آخر. قد يأتينا العالم كله، لكن لا يملأ مكانك. فقد رُسم حبك في الدم
قبل أن نولد، وتعلّمنا أن الهوية ليست بطاقة، بل نبض لا ينطفئ. |